قصة قصيرةغرباء على قارعة الطريق
بشير إبراهيم أحمد
نشرت في العدد 121 من جريدة صوت بخديدا نيسان 2014
ليست ثمة من يشكو من هذا العالم القابع بملذاته الشهوانية سوى جمعٌ من أناس لا خيار أمامهم سوى الانتظار على جنبات الشوارع المليئة بالآثام وذنوب السفاحين ...وعيونٌ مثقلةٌ بنظرة يأس تتطلع إلى الجدران التي أتعبتها عبارات تقاتلت حتى ما بينها ...وأرامل ثكالى تنتظر فرجا موعود لكنه ليس معلوم !! كعادتها تشرق من جديد؟؟ ليست الحياة..؟ إنها شمس السماء لتضيء على ليل حالك قتّل فيهِ المئات وشُرد فيهِ أُناس وانهار فيهِ صرح حبيبين أنهكتهم الليالي الطوال.. كالعادة يجلس رامز خلف شباك الكافيتريا يقلب أوراق ليلٍ أنجلى بدقائقه وساعاته وأحداثه.. في الأثناء يدخل صالح..
_ كيف حالك أستاذ رامز؟
رامز: الحمد لله بخير(نطقها بنظرة شاحبة مليئة بالحزن).
صالح: ما بالك أستاذ أراك حزيناً قل لي ما بك.
رامز: آآآه ماذا تريد أن اقول, فما يجول في عقلي ربما لا تسعه ذاكرتك الرياضية.
صالح: ليس لدي مشكلة تكلم وأنا أستمع لحديثك علّي أفهمك أو أستطيع مساعدتك، ثم لماذا تحدق إلى الخارج هل أنت معجب بملابس الطلبة أم بوجوههم؟
رامز: أنا لا أراهم أرى جدران حُمّلت أكثر مما تطيق, الكل في عالمنا أصبح فيلسوفاً ومنظراً يسرق عبارات لم يفهمها وليس بقادرٍ بعهدة الوفاء لها.. تقابلها أحداث لا يمكن تصديقها.
صالح: آوووه.. أنت تتحدث بأشياء لم أفهمها قط أنت عادةً ما تحكي هلوسات وأشياء لا نفهمها, ولو أنك تكلمتها رموزاً لفهمتك جيداً فأنا أستاذ الرياضيات وأجيد الرموز, أبسط لي حديثك وعما تريد قوله لعلي افهمك أكثر.
رامز: _سأُفهمك حديثي_ لو أننا جمعنا هذه العبارات والشعارات ومقولات فلاسفتنا الجدد ثم تأملناها سوراً حولنا وحياتنا داخله _ وسرح رامز في حديثه _ لنبتت شجرة اليوكالبتوس والنخلة وشجرة المطاط وزهرة الكاردنيا..الخ, ولجلس بارق _ ذو الوجه البشوش _ ونسرين تحت شجرة الزيزفون يتسامرون, ولأصبحت حياتنا دائرة كعقارب الساعة, ولأضحت جنة خلف هذا السور ولأزحنا ما أثقل هذه الجدران.
صالح: لم أفهمك ما تكلمت به هي حروف متقاطعة لا يجمعها إلا المجانين.
رامز: أقول كلام ولكنك لو تفهمني ولن تفهمني لأنك لا تفكر إلا بما بين جدران معيشتك وبين جدران صفوفك ولوحتك المليئة بالرموز الرياضية, أما أنا فأفكر بكل الأشياء حتى وإن كنت بين الجدران.بعد برهةٍ من الزمن وقف إحسان أمام الشباك مستعجلاً: هيا فالوقت حان لمغادرتنا فأمير وسيف ومحمود بإنتظارنا خلف باب الخروج.