لولا جهود المعلم لما تكونت آفاق الشخصية بقلم الطالبة فاتن باسم

لولا جهود المعلم لما تكونت آفاق الشخصية

فاتن باسم

معهد إعداد المعلمين/الحمدانية

المرحلة الثالثة

منذ أزمنة قديمة كان المعلم هو السلطة التربوية الثانية بعد الأهل، لكن مع التقدم والتطور في العلم تغيرت لغة التفاهم بين التلاميذ والمعلم وتغيرت وجهة النظر هذهِ إلى ما سنرى الآن وبأنفسنا سنحكم على طبيعة العلاقة بين هاتين الجهتين. في إحدى الليالي كان هناك رجلُ قد رفع رأسه بفخر، رأيته سائراً على الرصيف الذي يشع بضوءٍ ينير طريق الآخرين، رآهُ صديق له ينظر إليه مندهشاً ومستغرباً وناظراً بعمق عينيه لكي يكتشف الغموض الذي يسبح في وسط بحر عيني صديقه. وبعد التأمل الطويل تقدم صديق هذا الرجل سائلاً عن اللغز الغامض الذي يسكن وسط عينيه، فرّد عليه الرجل قائلاً: (طوال حياتي وسيرتي المهنية لم أواجه موقفاً يحرك مشاعري ويغير نظرتي إلى الحياة. وأكمل حديثه قائلاً: في ظهيرة هذا اليوم التقيتُ بطبيبٍ متفوق جداً في حياته فسألته عن سبب تفاؤله بالحياة ونظرته الايجابية إليها. وكذلك سألته عن السر الكامن وراء نجاحه وعندما انتهيتُ من توجيه الأسئلة إليه، ردّ عليَّ وهو ينظر إلى عمق عيني حيث أنها كانت ألطف وأحن نظرة ينظر إليَّ شخص لا اعرفه في وضع لا أدركه جاهلاً ما الذي يدور في رأسه وبينما كان مستمراً في تثبيت نظرته في وسط عيني قال لي هذا الطبيب: (إن اللغز وراء كل ما سألتني عنه هو أنت!). في تلك اللحظة وقفتُ متسائلاً في أعماقي أحاول أن أستوعب ما الذي يتكلم عنه هذا الطبيب). وأكمل الطبيب ردّه لي وقال: يا معلمي وينبوع النجاح في حياتي، الست تذكر النصيحة التي أسديتها لي، اولست تذكر أني كنتُ طالباً فاقداً للأمل في الأيام الحاسمة في حياتي، اولست تذكر أنك رفعتني من الظلام إلى النور الساطع. فجأة تذكر هذا المعلم ذلك اليوم حيث كان يسير على الطريق ورأى هذا الطبيب الذي كان طالباً في الصف السادس العلمي وكان ضمن مجموعة الطلاب الذين يدرسهم مادة الرياضيات والجبر. حيث انه لمحه جالساً على عتبة بيته شارداً ذهنه إلى مكان بعيد إلى درجة انه دار بفكره حول الأرض مرات عديدة يفتش عن حلِّ لمشكلتهِ، ثم وجه المعلم سؤالاً للطالب: يا بني ما بالك شارد الذهن؟ لاحظتك منغمساً في أعماق عقلك!. فرّد عليه الطالب وقال: يا معلم لقد اقتربت امتحانات نهاية السنة الدراسية وقد راجعتُ كل المواد لكن لم افهم منها شيئاً كأن عقلي ورقة بيضاء كلما اقرأ سطراً أنسى الذي قبله فطويتُ الكتاب ووضعته إلى جانبي على أمل أني سأفهم وضعي هذا. أعطني حلاً رحمةً بي. أجابه المعلم وهو ينظر إلى السماء: هل يمكنك إن تعّد نجوم السماء؟ لكنك يجب أن تطيل النظر إلى القمر لكي تستطيع أن تعّدها!. استغرب الطالب من كلام معلمه فرّد عليه قائلاً: يا معلم أني أسالك أن تنصحني وأنت تقول لي يجب أن أعدَّ النجوم. وأكمل المعلم حديثه فقال: يا بني عندما تغيب الشمس تصبح السماء حالكة الظلام، لكن القمر هو الذي يعطيها جمالها. هل استغربت من ذلك؟ إذاً استمع إليَّ بكل انتباه: يا بني إن النجوم كالأصدقاء والمدرسين وكذلك كالأهل يستمرون بقولهم لك يجب أن تقرأ كثيراً وتجتهد أيضاً لكنهم بالأصل هم يريدون أن يمنحونك الشجاعة لكن موقعهم يبقى بعيداً عنك كبعد النجوم عن الأرض لكنها مع ذلك ترسل لها الضوء لكي تزينها أثناء وقوعها في الظلام الدامس، لكن يجب أن تركز على القمر لأنه بمثابة العقل المنير لك. يا بني إن القمر يرسل نوراً ساطعاً ينير طريقك وطريق الآخرين ولا يبخل عليهم بذرة واحدة من الضوء كذلك عقلك يجب أن تضع فيه كل ما تستوعبه لأن العقل كتاب ذكريات تنقش عليه كل ما تريده لكن عند لحظة التذكر كل ما ملئت في ذلك الكتاب يتوقف كله على الإرادة الشخصية الكامنة في نفسك. في الوقت الذي يكون الخوف من الفشل يتأرجح بأعماقك، شد من عزيمتك وحول كل ذلك إلى شجاعة وثقة في النفس لأنك أنت أعددت للموقف الذي ستواجه فعليك أن تلقي عليه كل شجاعتك وثقتك بنفسك وفي نهاية المطاف من يسهر الليالي ينال العلا. فتركه المعلم ومضى ذاهباً يتأمل نصيحته التي تأثر فيها شخصياً. والنتيجة ظهرت بعد مرور سنوات عديدة على النصيحة التي رفعت من شأن ذلك الطالب الفاقد للأمل لكي يصبح من أعظم الرجال. إذاً يا زملائي الطلاب وزميلاتي الطالبات ويا نخبة المدرسين والمدرسات الكرام وحضرة المدير الذي يضرب فيه المثل أتشرف بحضوركم هل عرفتم ما هي قيمة المعلم؟ انه صانع الأجيال لأن الطبيب لا يصل إلى منصبه لولا المعلم الذي يساعده ويحفر النصائح والقيم والمبادئ في وسط أعماق قلبه. وكذلك مثله المهندس والمحامي وكل الوظائف التي ينشغل بها العالم تنبع من المعلم لذلك يلقي عليه مسؤولية تربية الأجيال وهذا ما يجب أن نحفظه كحفظنا لأسمائنا أي يجب أن تكون مهمة المعلم تربوية قبل الوظيفية لأنه أساس نجاح المجتمع.

[ltr]*ألقيت في الاحتفالية التي أقامها معهد إعداد المعلمين/ الحمدانية بمناسبة عيد المعلم في 1 آذار 2014.

[/ltr]

» الف مبروك بمناسبة تفوق الطالبة سارة باسم جحول
» مجلة آفاق سبيريز تحاور الشاعر بهنام عطاالله
» لقاء مع التلميذة المتفوقة مريم باسم شموعي
» لقاء مع الطالبة المتفوقة ميلاني رعد
» لقاء مع الطالبة المتفوقة فبيانا قيس

تصميم جرائد ومجلات وكتب

تعلن ادارة منتديات بغديداتي …

[ قراءة كاملة ]

عمل وتصميم منتديات

تعلن ادارة منتديات بغديداتي عن …

[ قراءة كاملة ]