الفــقر والخــمر قصة قصيرة بقلم صلاح البابان

قصة قصيرة

[size=24]

الفــقر والخــمر
صلاح بابان
كلية الإدارة والاقتصاد / جامعة الموصل

نشرت في العدد 116 من جريدة صوت بخديدا ت 2 2013

أبو شيلان رجـل فـقـير الحـال، مقـطـوع النـسب، تعـيس الحـظ ، أجـبـرتــه الأيـام عـلى فـعل الـكـثـيـر مـن الأخـطاء والـذنـوب . فـي ذات لـيلة وهــو جالسٌ عـلى أريـكة مـن الـخشب أهـلكـتـها السنـون فـيـهـا الـكـثيـر من الـمـسامير، وهـو يعـيش فـي حالـة مـن الـخيال تـتلاشى أحـلامـه كـلـما اقـتـرب منـهـا وهـو يـتـسـاءل مع نـفسه : كيـف باستـطاعـتي أن أعـيش بعيـدا عن الحزن تـاركـا الهـموم ومـتاعب الـدنـيا ورائـي ؟ وهـو يفـكـر طـول الـوقـت لـكـن للأسف لـم يسعـفه تـفـكيـره لـلوصول إلـى نـتـيـجة تـريـحه مـن هـذه الـدوامة .قـرر أن يستعـيـن بـأحد أصـدقـائـه أسمه أحمد، وعـندما الـتـقى بــه . سـألـه أبـو شيلان: يا أحمد أنا رجلٌ منذ زمنٍ بعيد لم أعرف الراحة، وحياتي كلها أحزان ومتاعب أرجوك قول لي كـيـف باستـطاعــتي أن أتـخلص مـن هـذه الهـموم ؟ بـسرعـة فـائقة أجـابـه صديـقه أحمد: يا أبو شيلان إذا كـنت تعـيش فـي هـذا الحال الصعـب لـم لا تـفعل مـثـلي كـي تـتحرر مـن هـموم الـدنـيا ؟ أبو شيلان تعـجـب !!يسأل صاحبه أحمد : قـول لي رجـاءً ماذا تـفعل أنت حـتى أفعـلـه أنـا ؟؟ أحمد يـجيبــه: تـشرب قلـيلاً مـن الخـمر يـومـياً و أوعـدك إنـك تـعيش فـي حالة جـيدة ، لأنـني فـي كـل يـوم أفـعـلها وأعـيش فـي أجـواء مـريـحة لأنـني أفـقـد فـيـها شعـوري لا أفـكـر بـشـيء مـن مـشاغل الـدنيا . أبو شيلان يـفـكر وهـو فـي حـالة تسيـطر عـليـهـا الـتوتـر .يقول لنفسه : هــل يـعـقل لـجـرعات قـليـلة مـن الخـمر أن تـفعل هـكذا ؟ قـرر أن يـفـعلها . فـي أحـد الأيـام و فـي منـتـصف الـليل استــيقـظ أبو شيلان مـن نـومه وبـدأ يـمشي مـن بيـن عائـلته بحذر . أمـسك بـزجاجة الخـمر وهـو يسألهـا : هـل أنـت تستـطيعـين أن تجعلـيني أن أنـسَ كل هـمومي و أحزاني ؟ إن كـنت هـكـذا فـو اللـه أوعـدك إنـي فـي كـل يـوم أسهـر مـعك . مـرت الأيـام وأصبحت الزجـاجـة محـظـوظة لأنها نـالت إعـجـابـه وحقـقت كـل ما يطـمح إلـيه . فـي ذات لـيلة وفـي السر وهـو يشرب الخـمر وتفاجـأ بابـنتـه الصغـيرة شيلان ، التي لا يملـك سـواهــا من الأطـفال . استـيقـظت من النوم لكي تـذهب إلى المغاسل فرأت أبيهـا في حالـة من السكوت .فسألـتـه : أبي مـاذا تـفعل في هذا الوقـت المـتأخر من الـليل ؟؟ ومـا هـذه الـتي بيـن يديك } تقـصد الزجـاجة { ؟

الأب :أبنتـي هـذا دواء وصفـه لـي الدكـتور فـهو يساعدنـي لـكي أعـيش في لحظات من السرور وأن أنسى أحزاني . مـرت الأيـام وأصـبح أبو شيلان من أعـداد المـدمنين عـلى الـخـمر وأصبحت زوجـته أم شيلان تعلم وتعيش في حـالة مـن الـضياع، لأن زوجها صار يـبيع كـل ما في المنزل حـتى لـُعبْ أبـنته الصغـيرة شيلان ، لـكي يوفـر لـنفسه الـنـقود و يشتري بــه الخمــر . فـي إحـدى الليالي أبو شيلان جـالس يشرب الخمر وابنـتـه شيلان تـراقـبه . وتسـأل نـفـسهـا : إذا كـان هـذا الـشكل الـغريب يـجـعل أبـي يـعـيش فـي حـالة سـرور وفـرح، لـما لا أجـربـه أنــا لكي أستطـيع أن أفـرح وأضـحك بعـد أن فـقـدت كـل ألـعابـي ؟وبعـد أن أنـهى الأب العملـية بـسلام كـعادتـه يـخبئ الزجـاجة فـي أحـد الأوانـي الـذي تستخدمـه زوجـته للـطبـخ . الـبنت تـراقب أبـاهــا بـحـذر شـديـد، ذهـب الأب لـكي يخـلـد في عـالم اللاشعـور . أقـدمت الـبنت لكي تـكمل العملـية بـدل من أبـيـها و لـحسن حـظها إن الزجـاجة بـقـت فـيهـا الـنصف من الـخمر وضعـت فـوهـة الزجـاجة فـي فـمها الـطاهر تمكـنـت مـن إنـهاء كـل ما فـي الـزجـاجة بعـدة جـرعـات . بعـد لـحظات بـدأت الطـفلة تـصرخ :بطني .. بطني .. أمـي .. أمي .. الحقيـنـي نار تـشعل بطني. الأم تستـيقـظ وهـي مرتـبكة تستمع إلـى الصرخات ، قالت :يا إلـهي هـذه صرخات أبنـتي. رأت البنـت وهـي طـريحـة علـى الأرض ذهـبت إلـى زوجهــا، وهـي تصـرخ تقول له : استيـقـظ وهـي تضرب على كتـفيه استيقـظ لا أعـلم أبنـتـك لا أعـلم ما بـهــا ؟ الأب في حالـة غيـر متـزنـة يقول: لزوجـته اتـركـينـي .. اتركـينـي . الأم تحـمل طفـلـتـها وتـذهـب مسرعـة جداً إلـى المستـشفى ، حيث تـم استـقبالـهـا فـي قـسم الطـوارئ لـكن للأسـف بعـد قـليل تـم إبلاغهـا من قبل أحـد الأطـباء إن أبنـتـها أصيـبـت بانـفجار في الـمعدة مـما أدى إلـى وفاتـها فورا . بـعـد مرور سنة على وفـاة البنت والأم تعـيش في حالة مـزرية جـدا . فـي ذات ليـلة الأب دعـا بعـض أصدقـائه لـشرب الـخـمـر فـي بـيـته ومـن ضمـنهم صاحب الحلول الجـهـنـمية صديـقه أحمد الـذي علمه عـلى شـرب الخـمـر .و بعـد أن فـقـد الأب كـل تركـيـزه وأصبـح في عـالـم الـلاشعـور مع أصـدقـاءه إلا .. إلا صاحب الحلـول استـغل الفـرصـة فـناده الشـيطان إلى عالـم الـغـريـزة ، ثـم أقـدم إلـى غـرفـة زوجــة صــديقـه ثـم نـال منـهـا مـا يـريـد . وفي الصباح انـتـشر في أرجـاء الـمدينة خـبــر إن امـرأة أحـرقت نـفسها لأنـها تعرضت إلى حالة اغـتـصاب من قبل أحـد أصدقـاء زوجـها ... الأب في نـفـس اللـيلة وفـي نـفس الوقـت الـذي اعـتـاد فـيه عــلــى الشـرب أمـسـك بـيـده الـزجـاجة وهـو يخاطـبـهـا وقـلـبـه يغـلي كـأنــه بـركـان من الـوجع يقول لها:آه .. آه منـك أنـت الـتي جعـلـتـيـني أنــا أفــرح كـثيراً لـكن لمـاذا لم تـجعـلـيـني أن أفــرح مــدى الحياة ؟ لـذلـك سـوف نـنـتحـر سويـة أنـا وأنـت لـكي لا يـبـقــى لنـا أثــر في هــذا البيـت .

» أنا قتلت ضيفي ولم أحزن عليه/ قصة قصيرة من واقع الحياة بقلم بطرس شوني
» أنور عبد العزيز ... ربيع القصّة القصيرة حاوره صلاح البابان
» حلم ... قصة قصيرة بقلم سلمى حربه
» قصص قصيرة جدا بقلم القاص أيت حسو مبارك السعداني
» غرباء على قارعة الطريق قصة قصيرة بقلم بشير ابراهيم احمد

تصميم جرائد ومجلات وكتب

تعلن ادارة منتديات بغديداتي …

[ قراءة كاملة ]

عمل وتصميم منتديات

تعلن ادارة منتديات بغديداتي عن …

[ قراءة كاملة ]