احمد جار الله يودع مواطنه بقصائد السرد والنتف والشعارات

قصائد (يرحل العراقي ) تتقاسم الوجع مع المهمشين على ارض الوطن

الموصل – سامر الياس سعيد

اصدر الشاعر احمد جار الله ياسين مؤخرا مجموعة شعرية عنونها بـ(يرحل العراقي )بـ85صفحة من القطع الصغير ضمت قصائد سرد ونتف وشعارات اتسمت بأسلوب الشاعر الذي يتلاعب بالحروف ليقتنص منها ما يتقاسم به كلمات التعزية للمهمشين في بلده وأراد ان يوصل من خلالها رسالة قارنت بين الواقع الذي يعيشه العراقيون وما يعيشه أقرانه في بلدان العالم المختلفة واستهل الشاعر مجموعته بالإهداء الذي قدمه الى الوطن الغائب في أعماق الرحيل واصفا إياه بأمه كما أهدى المجموعة للعراقيين الذين يرحلون يوميا من دون حقائب وتضمنت قصائد السرد مجموعة من القصائد التي استل واقعيتها الشاعر من الشجن العراقي الذي يعيشه أقرانه يوميا مستهلا تلك القصائد بقصيدة(يرحل العراقي ) وضمنها هذا المقطع الذي يقول :
(يرحل العراقي/ صامتا كرشفة أخيرة من شاي الظهيرة / تشيعه الشوارع والأشعار.)
وفي قصيدة تالية عنونها بـ(علمتنا الحرب )جاء أسلوبه الشعري ثريا بالكثير من الدلالات الإنسانية العميقة التي عبر من خلالها عن بشاعة الحروب المتتالية التي عاش وقائعها ملايين العراقيين متخذا من أدوات الحروب مضامين اكتسب من خلالها واقعية أضفى كلماتها على هذه القصيدة ومن هذه القصيدة يبرز هذا المقطع الذي يقول :
(علمنا الحزن.. يا أبي/ إن ساعي البريد/ عندما لا يطرق الباب/ فان أخي قد توقف عن كتابة الرسائل/ لان الجبهات
ستضع جثمانه في ظرف ابيض/ وترسله الينا برفقة النزيف الوطني.)
وفي القصيدة التالية التي عنونها بـ(رسالة اعتذار الى صديقي الحمار )تضمنت الكثير من الدلالات التي ضخها من الواقعية المكتسبة من مشاهد الحياة والتي لطالما استعان بها الشاعر من اجل ان يكسب أسلوبه صورة حقيقية بأقل الكلمات كمن يتخذ صورة معبرة لاتحتاج لتعليق وفي قصيدة أخرى بعنوان (خضرة)يبث الشاعر تأملاته حول العشب الذي تتقاسمه المدن تماما كما هو المطر ويزيد في مقارناته التي تتسم بالكثير من الغرابة المشحونة بالدهشة أما تصويره للنص التالي بطريقة الفديو كليب فكان بالشاعر يتماهى خلف تقنيات العصر ومواكبته للبصري على ان يكون ممتزجا
بالواقعي فيتابع في هذا النص الذي عنونه بـ(دحرجة ) ورقة صفراء كأنه من خلالها يتابع ذبول فصول العراقيين وانحسارها الى فصل واحد هو الخريف لينتهي عند منعطف الحياة وفي قصيدة أخرى تحمل عنوان (الجندي المجهول ) تبرز كلمات الشاعر احمد جار الله لتتحدث عن محن كثيرة أنجبتها الحروب تماما كما أعلنته القصيدة التي تعقبها والتي تحمل عنوان (حرو..ق)التي لايلتزم فيها الشاعر إلا بكاميرا النص الواقعي الذي يصور خلالها شخوصه ونسائه المهمشات وأكاذيب رجاله بدون حذف او تزويق كل ما يجري على الصفحة البيضاء ويمد الشاعر يده في النص التالي الذي بعنوان
(ظلا../ل../م) لتصافح الفقراء والمهمشين ويقرنها إزاء الطغاة والأثرياء ويقرن صوره بواقعية شديدة حينما يقرن عيون ياسر عرفات إزاء عيون اوباما ليحمل من خلالها دلالات مباشرة أما القصيدة الأخرى فتحمل عنوان (برنامج مدينة شرقية )وتتنوع في هذه القصيدة دلالات العذاب التي تنتقل ما بين فكرة القصيدة ورؤيتها وتتنوع تلك الدلالات في القصيدة ما بين صبي يافع ورجل في أواخر العقد الرابع وجندي شاب وينتهي المساء ليظهر صبي حالم بامتلاك البحر وامرأة نائمة ووحيد متقاعد وجندي ينزف حتى الموت وفي القصيدة الأخرى التي تحمل عنوان ( نسخة من خطاب مكرر مشهور
في كتب التراث الجاهلي)تحتفي المعاني بظلالها المتوالية عبر صور تحتويها القصيدة ويمتنها بخط عريض الشاعر فتتحول الى رمزية يباشرها موجها إياها نحو القاري ليستكشف بواطنها وليحول سحبها الى معان ودلالات تنهمر كالمطر وإذا كان الدكتور جار الله قد نال شهادة الدكتوراه عن أطروحته الموسومة(اثر الرسم في الشعر العراقي الحر )فانه يتبع أسلوب الرسم تكعيبيا في القصيدة التي يعنونها بخضراء ..خضراء فتتحول خارطة الوطن في كتاب الجغرافية الى هذا اللون أما في كتب التاريخ فتتحول إلى اللون الأحمر أما في الكتب التي يحملها الشهداء فتتحول خارطة الوطن
إلى بيضاء فيما تتحول إلى سوداء في دفتر ملاحظات المغول وتبرز حركة الشعر حينما يستدرج الشاعر أحاسيس وطنه ومواطنيه في القصيدة التي تحمل عنوان (توبة ..عراقية )وإذا كان الشاعر في قصيدة سابقة قد استعان بطريقة الفيديو كليب في تصوير مشهده الشعري أما في القصيدة التي تحمل عنوان (مشهد محذوف من مسلسل عربي قديم ) فانه يحاول التصوير باللونين الأبيض والأسود ويلتزم بتوجيه كاميرا التصوير من الأعلى ليكتب هذا النص بمشهدية صورية راقية تبدأ من لهفة الأمهات مرورا بنافذة السلطان للتوسل إليه بإعادة قمصان أبنائهن التي استعارتها لجب الحروب ويتجلى

السلام كصوت يتهامس مع الشاعر ليحوله إلى دلائل في القصيدة التي تحمل عنوان دلائل السلام فيكتب نص قصيدته معتمدا على إيمانه بوجود السلام حينما يرى ان الغصن لا يرتجف مجروحا او باب المنزل سليما من الكدمات والأطفال يرسمون الشمس بدلا من الدبابات وهكذا وإذا كان الوطن هو المحور الرئيس بين أربعة محاور يلتزمها الشاعر في مجموعته الأخيرة حينما يحمل عنوان قصيدته التالية (بيضة الوطن )وتتوالى قصائد أخرى تحمل عناوين هي (اغتصاب ) و(الجنرال بعيدا عن ساحة الحرب )و(سم..فونية) و(ادمان) و(خيو..ط)و(نشيد الشهداء) و(دلال)..فيما يعبر الشاعر الى قسمه التالي الذي يعنونه بـ(نتف) ويشير بأنه مخطوطة للمهمش أبي المحب احمد بن جار الله العراقي ويذكر التاريخ الهجري1432وفيها قصائد صغيرة كأنها تبدو رذاذ يحاول الشاعر من خلال نثرها على صفحات المجموعة ان يرطب جفاف سبيل القصيدة ويمنح مخيلة القاري انطباعا سريعا عما يبتغيه فتبرز من خلال الصفحات التالية مجموعة كبيرة من هذه النتف تحمل عناوين (قصة..آسف)و(طبخة تاريخية)و(علاقة عسلية ) و(فائضون) و(لقطة يومية)و(حبـ..ر) و(سيرك من عصر الطوائف الأندلسية ) و(فلم..هندي مترجم الى العربية )و(ملصق في غابة ) و(مالم يقله محمود درويش) و(أناقة)و(حبـ..ل)و(ساعي البريــ..ق)و(وجهة..لبن)و(دب..لؤم..اسية)و(دراكولا)و(وصية وجدت في غرناطة) و(ديـ..كـ..اريكاتير)وغيرها من النتف المنوعة التي يتلاعب فيها الشاعر بالكلمات ليواري فيها معانيها التي يحملها للقاري بينما تلي تلك النتف قسم آخر يعنونه بـ(الشعارات)اما خاتمة المجموعة فيوجهها الى الموصل فعنون القصيدة الموجهة اليه بالعنوان التالي (ينام التاريخ..وتستيقظ هي)..والمحاور الأربعة الرئيسية التي ترتكز عليها مجموعة الشاعر احمد جار الله هي (الوطن والحرب والمراةوعناصر الطبيعة )فما بين الوطن والحرب ثمة صلة يمر خلالها الشاعر بسفينته الشعرية متنقلا ما بين النهار والمساء ليتابع التحولات المشهدية بين تلك الصور ويبرز في قراءة إجمالية لأعماله الشعرية المراة بكونها الكائن الذي يحمل في نصوصه الشعرية دلالات الأنوثة والغنج والجمال والشباب لكنه في نصوص المجموعة الشعرية يبرز صورا أخرى للمرأة التي تلظت من لجب الحروب فتحولت الى عانس او أرملة او غيرها من الحالات الإنسانية التي تدفع بالشاعر ليحمل قنديل كلماته مضيئا هذا الجانب من نصف المجتمع المتواري خلف أزماته ويضيف بان الاهتمام بالمهمش يتجلى من خلال الاهتمام بالعنونة حيث يخرج العنوان ليلعب دورا موازيا بالاهتمام الذي يحمله متن النص نفسه وعن حجم القصيدة تباينها بين ان تكون طويلة جدا او بالعكس فيشير الشاعر الى ان الوصف الملتزم بان تكون القصيدة قصيرة جدا يحمل سخرية من ان حال العالم يمكن اختصاره ببضع كلمات او كما يشير الشاعر نفسه بإمكانية اختصاره بسطر او سطرين قصيرين لكن ما فيهما من وجع كبير يوازي قصائد طويلة بأكملها ويختتم رؤيته للنصوص الشعرية بوجود أسرار أخرى فنية ودلالية في نصوص المجموعة يدعو القاريء لاكتشافها وكل من يختار مصاحبته في السير وسط حقول الكلمات والشاعر احمد جار الله ياسين من مواليد الموصل حصل على الماجستير في الادب الحديث عن رسالته الموسومة بـ(التدوير في شعر حسب الشيخ جعفر ) في عام 1998 وبدرجة امتياز بينما حصل على شهادة الدكتوراه وبتقدير امتياز عن رسالته المعنونة بأثر الرسم في الشعر العراقي الحر ) ونشرت له العديد من الصحف والمجلات الأدبية عشرات المقالات التي تناولت الجانب الأدبي والفني فضلا عن مقالات في النقد وعن إصداراته فقد اصدر مجموعته الشعرية الأولى بعنوان (هوامش ) عام 1999بينما صدرت له مجموعة شعرية مشتركة مع عدد من الشعراء حملت عنوان (تخطيطات مفتوحة) في العام ذاته اما في عام 2003 فصدرت له مجموعة قصصية مشتركة حملت عنوان (قصص من نينوى ) واقام عدة معارض شخصية للرسم في أروقة جامعة الموصل كما اصدر مجموعة قصصية بعنوان حrب في العام 2004 ضمت قصصا قصيرة وأخرى قصيرة جدا كما صدرت في العام 2010 مجموعته الشعرية التي عنونها بـ(الى .... برقيات وصلت متأخرة ) ونال العديد من الجوائز التقديرية عن نتاجاته الأدبية منها حصول قصته (جرد سنوي)على المرتبة الأولى في مسابقة برنامج أوراق للقصة القصيرة التي أقامتها إذاعة لندن عام2002 وحصلت قصيدته قبور عراقية منفردة على المرتبة الرابعة في مسابقة جريدة الغد الصادرة في بابل بمشاركة عشرات الشعراء العراقيين في عام2009 كما نالت قصته(عادات) المرتبة الثالثة في مسابقة دار الشؤون الثقافية ببغداد عام 2010 ونال كتابه النقدي(مدرسة الأحياء بين الاتصال بالشعرية التراثية والانفصال عنها ) المرتبة الأولى في مجال النقد الأدبي بمسابقة الشارقة للإبداع والتي جرت في دولة الأمارات العربية المتحدة في العام 2011 كما نال كتابه(فضاء الاقتناء الفني في العالم العربي ) المرتبة الثانية في البحث النقدي التشكيلي في الشارقة بدولة الأمارات العربية المتحدة في العام 2013 كما نال عدة جوائز في مسابقة الفنون الإبداعية المقامة بجامعة الموصل وفي مجالات الرسم والشعر والقصة القصيرة والخاطرة والمقال وذلك في سنوات 93و94 و98 و2010و2011 و2013..

» مصطفى عبد القادر احمد العواد كلبي شجاك mp3 , تحميل اغنية مصطفى عبد القادر احمد العواد كلبي شجاك mp3 2014
» غرباء على قارعة الطريق قصة قصيرة بقلم بشير ابراهيم احمد
» ما الذي طلبه الرئيس احمد حسن البكر من رئيس الكنيسة الآشورية؟
» المشكاة بقلم احمد عباس داود مدرس معهد اعداد المعلمين / الحمدانية
» الله يحفظكم ويبعدكم من هل المواقف

تصميم جرائد ومجلات وكتب

تعلن ادارة منتديات بغديداتي …

[ قراءة كاملة ]

عمل وتصميم منتديات

تعلن ادارة منتديات بغديداتي عن …

[ قراءة كاملة ]